فصل: باب ما يجري فيه الربا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **


 أبواب الربا

قال الزمخشري في الكشاف كتبت بالواو على لغة من يفخم كما كتبت الصلاة والزكاة وزيدت الألف بعدها تشبيها بواو الجمع‏.‏ وقال في الفتح الربا مقصور وحكى مده وهو شاذ وهو من ربا يربو فيكتب بالألف ولكن وقع في خط المصاحف بالواو اه قال الفراء إنما كتبوه بالواو لأن أهل الحجاز تعلموا الخط من أهل الحيرة ولغتهم الربو فعلموهم الخط على صورة لغتهم قال وكذا قرأه أبو سماك العدوي بالواو وقراه حمزة والكسائي بالإمالة بسبب كسرة الراء وقرأه الباقون بالتفخيم لفتحة الباء قال ويجوز كتبه بالألف والواو والياء اه‏.‏ وتثنيته ربو أن وأجاز الكوفيون كتابة تثنيته بالياء بسبب الكسر في أوله وغلطهم البصريون‏.‏ قال في الفتح وأصل الزيادة إما في نفس الشيء كقوله تعالى ‏{‏اهتزت وربت‏}‏ وأما في مقابلة كدرهم بدرهمين فقيل هو درهمين فقيل هو حقيقة فيهما‏.‏ وقيل حقيقة في الأول مجازو في الثاني حقيقة شرعية ويطلق الربا على كل مبيع محرم اه ولا خلاف بين المسلمين في تحريم الربا وإن اختلفوا في تفاصيله‏.‏

 باب التشديد فيه

1 - عن ابن مسعود ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه‏)‏‏.‏

رواه الخمسة وصححه الترمذي غير أن لفظ النسائي ‏(‏آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه إذا علموا ذلك ملعونون على لسان محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم يوم القيامة‏)‏‏.‏

2 - وعن عبد اللّه بن حنطلة عسيل الملائكة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

حديث ابن مسعود أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححاه وأخرجه مسلم من حديث جابر بلفظ ‏(‏إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه هم سواء‏)‏ وفي الباب عن علي عليه السلام عند النسائي وعن أبي جحفة تقدم في أول البيع وحديث عبد اللّه بن حنظلة وأخرجه أيضا الطبراني في الأوسط والكبير قال في مجمع الزوائد ورجال أحمد رجال الصحيح ويشهد له حديث البراء عند ابن جرير بلفظ ‏(‏الربا إثنان وستون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه‏)‏ وحديث أبي هريرة عند البيهقي بلفظ ‏(‏الربا سبعون بابا أدناها الذي يقع على أمه‏)‏ وأخرج عنه جرير نحوه وكذلك أخرج عنه نحوه ابن أبي الدنيا وحديث عبد اللّه بن مسعود عند الحاكم وصححه بلفظ ‏(‏الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم‏)‏ قوله ‏(‏آكل الربا‏)‏ بمد الهمزة ومؤكله بسكون الهمزة بعد الميم ويجوز إبدالها واوا أي ولعن مطعمه غيره وسمي آخذ المال آكلا ودافعه مؤكلا لأن المقصود منه الأكل وهو أعظم منافعه وسببه إتلاف أكثر الأشياء‏:‏ قوله ‏(‏وشاهديه‏)‏ رواية أبي داود بالافراد والبيهقي وشاهديه أو شاهده‏:‏ قوله وكاتبه فيه دليل على تحريم كتابة الربا إذا علم ذلك وكذلك الشاهد لا يحرم عليه الشهادة إلا مع العلم فأما من كتب أو شهد غير عالم فلا يدخل في الوعيد ـ ومن جملة ـ ما يدل على تحريم كتابة الربا وشهادته وتحليل الشهادة والكتابة في غيره قوله تعالى ‏{‏إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه‏}‏ وقوله تعالى ‏{‏واشهدوا إذا تبايعتم‏}‏ فأمر بالكتابة والإشهاد فيما أحله وفهم منه تحريمهما فيما حرمه‏:‏ قوله ‏(‏أشد من ست وثلاثين‏)‏ الخ يدل على أن معصية الربا من أشد المعاصي لأن المعصية التي تعدل معصية الزنا التي هي في غاية الفظاعة والشناعة بمقدار العدد المذكور بل أشد منها لا شك أنها تجاوزت الحد في القبح وأقبح منها استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم ولهذا جعلها الشارع أربى الربا وبعد الرجل يتكلم بالكلمة التي لا يجد لها لذة ولا تزيد في ماله ولا جاهه فيكون أثمه عند اللّه أشد من إثم من زنا ست وثلاثين زنية هذا ما لا يصنعه بنفسه عاقل نسأل اللّه تعالى السلامة آمين آمين‏.‏

 باب ما يجري فيه الربا

1 - عن أبي سعيد قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منهما غائبا بناجز‏)‏‏.‏

متفق عليه‏.‏ وفي لفظ ‏(‏الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطى فيه سواء‏)‏ رواه أحمد والبخاري‏.‏ وفي لفظ ‏(‏لاتبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء‏)‏ رواه أحمد ومسلم‏.‏

2 - وعن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل‏)‏

رواه أحمد ومسلم والنسائي‏.‏

3 - وعن أبي هريرة أيضا عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى إلا ما اختلفت ألوانه‏)‏

رواه مسلم‏.‏

4 - وعن فضالة بن عبيد عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن‏)‏

رواه مسلم والنسائي وأبو داود‏.‏

قوله ‏(‏الذهب بالذهب‏)‏ يدخل في الذهب جميع أنواعه من مضروب ومنقوش وجيد ورديء وصحيح ومكسر وحلى وتبر وخالص ومغشوش‏.‏ وقد نقل النووي وغيره الاجماع على ذلك‏.‏ قول ‏(‏إلا مثل بمثل‏)‏ هو مصدر في موضع الحال أي الذهب يباع بالذهب موزونا بموزون أو مصدر مؤكد أي يوزن وزنا بوزن‏.‏ وقد جمع بين المثل والوزن في رواية مسلم المذكورة‏:‏ قوله ‏(‏ولا تشفوا‏)‏ بضم أوله وكسر الشين المعجمة وتشديد الفاء رباعي من أشف والشف بالكسر الزيادة ويطلق على النقص والمراد هنا لا تفضلوا قوله ‏(‏بناجز‏)‏ بالنون والجيم والزاي أي لا تبيعوا مؤجلا بحال‏.‏ ويحتمل أن يراد بالغائب أعم من المؤجل كالغائب عن المجلس مطلقا مؤجلا كان أو حالا والناجز الحاضر‏:‏ قوله ‏(‏والفضة بالفضة‏)‏ يدخل في ذلك جميع أنواع الفضة كما سلف في الذهب‏:‏ قوله ‏(‏والبر بالبر‏)‏ بضم الباء وهو الحنطة والشعير بفتح أوله ويجوز الكسر وهو معروف وفيه رد على من قال أن الحنطة والشعير صنف واحد وهو مالك والليث والأوزاعي وتمسكوا بقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏الطعام بالطعام‏)‏ كما سيأتي ويأتي الكلام على ذلك‏:‏ قوله ‏(‏فمن زاد‏)‏ الخ فيه التصريح بتحريم ربا الفضل وهو مذهب الجمهور للأحاديث الكثيرة في الباب وغيرها فإنها قاضية بتحريم بيع هذه الأجناس بعضها بعض متفاضلا‏.‏ وروى عن ابن عمر أنه يجوز ربا الفضل ثم رجع عن ذلك‏.‏ وكذلك روى عن ابن عباس واختلف في رجوعه فروى الحاكم انه رجع عن ذلك لما ذكر له أبو سعيد حديثه الذي في باب واستغفر اللّه وكان ينهي عنه أشد النهي‏.‏ وروى مثل قولهما عن أسامة ابن زيد وابن الزبير وزيد بن أرقم وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير واستدلوا على جواز ربا الفضل بحديث أسامة عند الشيخين وغيرهما بلفظ ‏(‏إنما الربا في النسيئة‏)‏ زاد مسلم في رواية عن ابن عباس ‏(‏لا ربا فيما كان يدا بيد‏)‏ وأخرج الشيخان والنسائي عن أبي المنهال قال سألت زيد بن أرقم والبراء بن عازب عن الصرف فقالا نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا‏.‏ وأخرج مسلم عن أبي نضرة قال سألت ابن عباس عن الصرف فقال إلا يدا بيد قلت نعم قال فلا بأس فأخبرت ابا سعيد فقال أو قال ذلك انا سنكتب إليه فلا يفتيكموه وله من وجه آخر عن أبي نضرة سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف فلم يريا به بأسا وأني لقاعد عند أبي سعيد فسألته عن الصرف فقال مازاد فهو ربا فأنكرت ذلك لقولهما فذكر الحديث قال فحدثني أبو صهبا أنه سأل ابن عباس عنه فكرهه‏.‏ قال في الفتح واتفق العلماء على صحة حديث أسامة واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد‏.‏ فقيل أن حديث أسامة منسوخ لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال‏.‏

وقيل المعنى في قوله ‏(‏لا ربا‏)‏ الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد كما تقول العرب لا عالم في البلد إلا زيد مع أن فيها علماء غيره وإنما القصد نفى الأكمل الأصل وأيضا نفى تحريم ربى الفضل من حديث أسامة إنما هو المفهوم فيقدم عليه حديث أبي سعيد لأن دلالته بالمنطوق ويحمل حديث أسامة عام لأنه يدل على نفي ربا الفضل عن كل شيء سواء كان من الأجناس المذكورة في أحاديث الباب أم لا فهو أعم منها مطلقا‏.‏ فيخصص هذا المفهوم بمنطوقها‏.‏ وأما ما أخرجه مسلم عن ابن عباس أنه لا ربا فيما كان يدا بيد كما تقدم فليس ذلك مرويا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم حتى تكون دلالته على نفي ربا الفضل منطوقه ولو كان مرفوعا لما رجع ابن عباس واستغفر لما حدثه أبو سعيد بذلك كما تقدم وقد روى الحازمي رجوع ابن عباس واستغفاره عند ان سمع عمر بن الخطاب وابنه عبد اللّه يحدثان عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بما يدل على تحريم ربا الفضل وقال حفظتما من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما لم أحفظ وروى عنه الحازمي أيضا أنه قال كان ذلك برأيي وهذا أبو سعيد الخدري يحدثني عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فتركت رأيي إلى حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلى تسليم أن ذلك الذي قاله ابن عباس مرفوع فهو عام مخصص بأحاديث الباب لأنها أخص منها مطلقا‏.‏ وأيضا الأحاديث القاضية بتحريم ربا الفضل ثابتة عن جماعة من الصثحابة في الصحيحين وغيرهما قال الترمذي بعد أن ذكر حديث أبي سعيد وفي الباب عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي هريرة وهشام بن عامر والبراء وزيد بن أرقم وفضالة بن عبيد وأبي بكرة وابن عمر وأبي الدرداء وبلال اه‏.‏ وقد ذكر المصنف بعض ذلك في كتابه هذا وخرج الحافظ في التلخيص بعضها فلو فرض معارضة حديث أسامة لها من جميع الوجوه وعدم إمكان الجمع أو الترجيح بما سلف لكان الثابت عن الجماعة أرجح من الثابت عن الواحد‏:‏ قوله ‏(‏ولا الورق بالورق‏)‏ بفتح الواو وكير الراء وبإسكانها على المشهور ويجوز فتحهما كذا في الفتح وهو الفضة وقيل بكسر الواو المضروبة وبفتحها المال‏.‏ والمراد هنا جميع أنواع الفضة مضروبة وغير مضروبة‏:‏ قوله ‏(‏إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء‏)‏ الجمع بين هذه الألفاظ لقصد التأكيد أو للمبالغة‏.‏ قوله ‏(‏إلا ما اختلفت ألوانه‏)‏ المراد أنه ما اختلفا في اللون اختلافا يصير به كل واحد منهما جنسا غير جنس مقابله فمعناه معنى ما سيأتي من قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم‏)‏ وسنذر إن شاء اللّه ما يستفاد منه‏.‏

5 - وعن أبي بكرة قال ‏(‏نهى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب والأسواء بسواء وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا‏)‏

أخرجاه وفيه دليل على جواز الذهب بالفضة مجازفة‏.‏

6 - وعن عمر بن الخطاب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏الذهب بالورق ربا الاهاء وهاء والبر بالبر ربا الاهاء وهاء والشعير بالشعير ربا الاهاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء‏)‏‏.‏

متفق عليه‏.‏

7 - وعن عبادة بن الصامت عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم‏.‏ وللنسائي وابن ماجه وأبو داود نحوه في آخره ‏(‏وأمرنا أن نبيع البر بالشعير والشعير بالبر يدا بيد كيف شئنا‏)‏ وهو صريح في كون البر والشعير جنسين‏.‏

8 - وعن معمر بن عبد اللّه قال ‏(‏كنت أسمع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول الطعام بالطعام مثلا بمثلا وكان طعامنا يومئذ الشعير‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم‏.‏

9 - وعن الحسن عن عبادة وأنس بن مالك ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ما وزن مثلا بمثل إذا كان نوعا واحدا وما كيل فمثل ذلك فإذا اختلف النوعان فلا بأس به‏)‏‏.‏

رواه الدارقطني‏.‏

حديث أنس وعبادة أشار إليه في التلخيص ولم يتكلم عليه وفي إسناده الربيع بن صبيح وثقه أبو زرعة وغيره وضعفه جماعة‏.‏ وقد أخرج هذا الحديث البزار أيضا ويشهد لصحته حديث عبادة المذكور أولا وغيره من الأحاديث‏:‏ قوله ‏(‏كيف شئنا‏)‏ هذا الإطلاق مقيد بما في حديث عبادة من قوله ‏(‏إن كان يدا بيد‏)‏ فلا يد في بيع الربويات ببعض من التقابض ولا سيما في الصرف وهو بيع الدارهم بالذهب وعكسه فإنه متفق على اشتراطه‏.‏ وظاهر هذا الإطلاق والتفويض إلى المشيئة انه يجوز بيع الذهب بالفضة والعكس وكذلك سائر الأجناس الربوية إذا بيع بعضها ببعض من غير تقييد بصفة من الصفات غير صفة القبض ويدخل في ذلك بيع الجزاف وغيره‏:‏ قوله ‏(‏إلا هاء وهاء‏)‏ بالمد فيهما وفتح الهمزة وقيل بالكسر وقيل بالسكون وحكى القصر بغير همز وخطأها الخطابي ورد عليه النووي وقال هي صحيحة لكن قليلة‏.‏ والمعنى خذ وهات وحكى بزيادة كاف مكسورة ويقال هاء يكسر الهمزة بمعنى هات وبفتحها بمعنى خذ‏.‏ وقال ابن الأثير هاء وهاء هو أن يقول كل واحد من البيعين هاء فيعطيه ما في يده وقيل معناهما خذ وأعط قال وغير الخطابي يجيز فيه السكون‏.‏ وقال ابن مالك هاء اسم فعل بمعنى خذ‏.‏ وقال الخليل هاء كلمة تستعمل عند المناولة والمقصود من قوله هاء وهاء أن يقول كل واحد من المتعاقدين لصاحبه هاء فيتقابضان في المجلس قال فالتقدير لا تبيعوا الذهب بالورق الا مقولا بين المتعاقدين هاء وهاء‏:‏ قوله ‏(‏فإذا اختلفت هذه الأصناف‏)‏ الخ ظاهر هذا انه لا يجوز بيع جنس ربوي بجنس آخر الا مع القبض ولا يجوز مؤجلا ولو اختلفا في الجنس والتقدير كالحنطة والشعير بالذهب والفضة وقيل يجوز مع الأختلاف المذكور وإنما يشترط التقابض في الشيئين المختلفين جنسا المتفقين تقديرا كالفضة بالذهب والبر بالشعير إذ لا يعقل التفاضل والاستواء الا فيما كان كذلك ويجاب بأن مثل هذا لا يصلح لتخصيص النصوص وتقييدها وكون التفاضل والاستواء لا يعقل في المختلفين جنسا وتقديرا ممنوع والسند أن التفاضل معقول لو كان الطعام يوزن أو النقود تكال ولو في بعض الأزمان والبلد ان ثم انه قد يبلغ ثمن الطعام إلى مقدار من الدراهم كثير عند شدة الغلاء بحيث يعقل أن يقال الطعام أكثر من الدراهم وما المانع من ذلك وأما الاستدلال على جواز ذلك بحديث عائشة عند البخاري ومسلم وغيرهما قالت ‏(‏اشترى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من يهودي طعاما بنسيئة وأعطاه درعا له رهنا‏)‏ فلا يخفى أن غاية ما فيه أن يكون مخصصا للنص المذكور لصورة الرهن فيجوز في هذه الصورة لا في غيرها لعدم صحة الحاق مالا عوض فيه عن الثمن بما فيه عوض عنه وهو الرهن نعم ان صح الإجماع الذي حكاه المغربي في شرح بلوغ المرام فإنه قال واجمع العلماء على جواز بيع الربوي بربوي لا يشاركه في العلة متفاضلا أو مؤجلا كبيع الذهب بالحنطة وبيع الفضة بالشعير وغيره من المكيل اهـ كان ذلك هو الدليل على الجواز عند من كان يرى حجية الإجماع وأما إذا كان الربوي يشارك مقابله في العلة فإن كان بيع الذهب بالفضة أو العكس فقد تقدم أنه يشترط التقابض إجماعا إن كان في غير ذلك من الأجناس كبيع البر بالشعير أو بالتمر أو العكس فظاهر الحديث عدم الجواز وإليه ذهب الجمهور‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه وابن علية لا يشترط والحديث يرد عليه‏.‏ وقد تمسك مالك بقوله ‏(‏إلا يدا بيد‏)‏ وبقوله الذهب بالورق وبالا هاء وهاء على أنه يشترط القبض في الصرف عند الإيجاب بالكلام ولا يجوز التراخي ولو كان في المجلس‏.‏ وقال الشافعي وأبو حنيفة والجمهور ان المعتبر التقابض في المجلس وان التراخي عن الإيجاب والظاهر الأول ولكنه أخرج عبد الرزاق وأحمد وابن ماجه عن ابن عمر ‏(‏أنه سأل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال اشتر الذهب بالفضة فإذا أخذت واحدا منهما فلا تفارق صاحبك وبينكما لبس‏)‏ فيمكن أن يقال أن هذه الرواية تدل على اعتبار المجلس‏:‏ قوله ‏(‏ان يبيع البر بالشعير‏)‏ الخ فيه كما قال المصنف تصريح بان البر والشعير جنسان وهو مذهب الجمهور وحكى عن مالك والليث والأوزاعي كما تقدم أنما جنس واحد وبه قال معظم علماء المدينة وهو محكي عن عمر وسعد وغيرهما من السلف وتمسكوا بقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم الطعام بالطعام كما في حديث معمر بن عبد اللّه المذكور ويجاب عنه بما في آخر الحديث من قوله ‏(‏وكان طعامنا يومئذ الشعير‏)‏ فإنه في حكم التقييد لهذا المطلق وأيضا التصريح بجواز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا كما في حديث عبادة وكذلك عطف أحدهما على الآخر كما في غيره من أحاديث الباب مما لا يبقي معه ارتياب في انهما جنسان ـ واعلم ـ أنه قد اختلف هل يلحق بهذه الأجناس المذكورة في الأحاديث غيرها فيكون حكمه حكمها في تحريم التفاضل والنساء مع الأتفاق في الجنس وتحريم النساء فقط مع الأختلاف في الجنس والاتفاق في العلة فقالت الظاهرية إنه لا يلحق بها غيرها في ذلك‏.‏ وذهب من عداهم من العلماء إلى أنه يلحق بها ما يشاركها في العلة ثم اختلفوا في العلة ماهي فقال الشافعي هي الاتفاق في الجنس والطعم فيما عدا النقدين وأماهما فلا يلحق بهما غيرهما من الموزونات واستدل على اعتبار الطعم بقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏الطعام بالطعام‏)‏ وقال مالك في النقدين كقول الشافعي وفي غيرهما العلة الجنس والتقدير والاقتيات وقال ربيعة بل اتفاق الجنس ووجوب الزكاة‏.‏

وقالت العترة جميعا بل العلة في جميعها اتفاق الجنس والتقدير بالكيل والوزن واستدلوا على ذلك بذكره صلى اللّه عليه وآله وسلم للكيل والوزن في أحاديث الباب ويدل على ذلك أيضا حديث أنس المذكور فإنه حكم فيه على كل موزون مع اتحاد نوعه وعلى كل مكيل كذلك بأنه مثل بمثل فاشعر بان الأتفاق في أحدهما مع اتحاد النوع موجب لتحريم التفاضل بعموم النص لا بالقياس وبه يرد على الظاهرية لأنهم إنما منعوا من الألحاق لنفيهم للقياس‏.‏ ومما يؤيد ذلك ما سيأتي في حديث أبي سعيد وأبي هريرة أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال في الميزان مثل ماقال في المكيل على ما سيبينه المصنف إن شاء اللّه تعالى وإلى مثل ما ذهبت إليه العترة ذهب أبو حنيفة وأصحابه كما حكى ذلك عن المهدي في البحر وحكى عنه أنه يقول العلة في الذهب الوزن وفي الأربعة الباقية كونها مطعومة موزونة أو مكيلة ـ والحاصل ـ أنه قد وقع الاتفاق بين من عدا الظاهرية بأن جزء العلة الأتفاق في الجنس واختلفوا في تعيين الجزء الآخر على تلك الأقوال ولم يعتبر أحد منهم العدد جزأ من العلة مع اعتبار الشارع له كما في رواية من حديث أبي سعيد ‏(‏ولادرهمين بدرهم‏)‏ وفي حديث عثمان عند مسلم ‏(‏لاتبيعوا الدينار بالدينارين‏)‏‏.‏

10 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة ‏(‏أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم استعمل رجلا على خيبر فجاءهم بتمر جنيب فقال أكل تمر خيبر هكذا قال انا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا وقال في الميزان مثل ذلك‏)‏‏.‏

رواه البخاري‏.‏

الحديث أخرجه أيضا مسلم‏.‏ قوله ‏(‏رجلا‏)‏ صرح أبو عوانة والدارقطني ان اسمه سواد بن غزية بمعجمة فزاي فياء مشددة كعطية‏:‏ قوله ‏(‏جنيب‏)‏ بفتح الجيم وكسر النون وسكون التحتية وآخره موحدة اختلف في تفسيره فقيل هو الطيب وقيل الصلب‏.‏ وقيل ما أخرج منه حشفه وريئه وقبل مالا يختلط بغيره‏.‏ وقال في القاموس ان الجنيب تمر جيد‏.‏ قوله ‏(‏بع الجمع‏)‏ بفتح الجيم وسكون الميم قال في الفتح هو التمر المختلط بغيره‏.‏ وقال في القاموس هو الدقل أو صنف من التمر ـ والحديث ـ يدل على أنه لا يجوز بيع ردئ الجنس بجيده متفاضلا وهذا أمر مجمع عليه لاخلاف بين أهل العلم فيه وأما سكوت الرواة عن فسخ البيع المذكور فلا يدل على عدم الوقوع أما ذهولا وإما اكتفاء بان ذلك معلوم‏.‏ وقد ورد في بعض طرق الحديث أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال هذا هو الربا فرده كما بنه على ذلك في الفتح وقد استدل أيضا بهذا الحديث على جواز بيع العينة لان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أمره أن يشتري بثمن الجمع جنيبا ويمكن أن يكون بائع الجنيب منه هو الذي اشترى منه الجمع فيكون قد عادت إليه الدراهم التي هي عين ماله لأن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لم يأمره بأن يشتري الجنيب من غير من باع منه الجمع وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم‏.‏ قال في الفتح وتعقب بأنه مطلق والمطلق لا يشمل فإذا عمل به في صورة سقط الأحتجاج به في غيرها فلا يصح الاستدلال به على جواز الشراء ممن باع منه تلك السلعة بعينها انتهى‏.‏ وسيأتي الكلام على بيع العينة‏.‏ قوله ‏(‏وقال في الميزان مثل ذلك‏)‏ أي مثل ما قال في المكيل من أنه لا يجوز بيع بعض الجنس منه ببعضه متفاضلا وان اختلفا في الجودة والرداءة بل يباع رديئه بالدراهم ثم يشتري بهذا الجيد والمراد بالميزان هنا الموزون‏.‏ قال المصنف رحمه اللّه وهو حجة في جريان الربا في الموزونات كلها لان قوله في الميزان أي في الموزون وإلا فنفس الميزان ليست من أموال الربا انتهى‏.‏

 باب في ان الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل

1 - عن جابر قال ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم كيلها باليكل المسمى من التمر‏)‏‏.‏

رواه مسلم والنسائي وهو يدل بمفهومه على انه لو باعها بجنس غير التمر لجاز‏.‏

قوله ‏(‏الصبرة‏)‏ قال في القاموس والصبرة بالضم ما جمع من الطعام بلا كيل ووزن انتهى‏.‏ قوله ‏(‏لا يعلم كيلها‏)‏ صفة كاشفة للصبرة لأنه لا يقال لها صبرة إلا إذا كانت مجهولة الكيل ـ والحديث ـ فيه دليل على أنه لا يجوز أن يباع جنس بجنسه وأحدهما مجهول المقدار لأن العلم بالتساوي مع الأتفاق في الجنس شرط لا يجوزالبيع بدونه ولا شك أن الجهل بكلا البدلين أو بأحدهما فقط مظنة للزيادة والنقصان وما كان مظنة للحرام وجب تجنبه وتجنب هذه المظنة إنما يكون بكيل المكيل ووزن الموزون من كل واحد من البدلين‏.‏

 باب من باع ذهبا وغيره بذهب

1 - عن فضالة بن عبيد قال اشتريت قلادة يوم خيبر بأثني عشر دينارا فيها ذهب وخرز ففصلتاه فوجدت فيها أكثر من أثني عشر دينارا فذكرت ذلك للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال ‏(‏لا يباع حتى يفصل‏)‏‏.‏

رواه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه‏.‏ وفي لفط ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أتى بقلادة فيها ذهب وخرز ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو سبعة دنانير فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لا حتى تميز بينه وبينه فقال إنما أردت الحجارة فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لا حتى تميز بينهما قال فرده حتى ميز بينهما‏)‏‏.‏ رواه أبو داود‏.‏

الحديث قال في التلخيص له عند الطبراني في الكبير طرق كثيرة جدا في بعضها قلادة فيها خرز وذهب‏.‏ وفي بعضها ذهب وجوهر‏.‏ وفي بعضها خرز وذهب‏.‏ وفي بعضها حرز معلقة بذهب وفي بعضها بأثني عشر دينارا‏.‏ وفي بعضها بتسعة دنانير‏.‏ وفي أخرى بسبعة دنانير‏.‏ وأجاب البيهقي عن هذا الاختلاف بأنها كانت بيوعا شهدها فضالة‏.‏ قال الحافظ والجواب المسدد عندي أن هذا الاختلاف لا يوجب ضعفا بل المقصود من الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه وهو النهي عن بيع مالم يفصل وأما جنسها وقدر ثمنها فلا يتعلق به بهذه الحال ما يوجب الحكم بالاضطراب وحينئذ ينبغي الترجيح بين رواتها وإن كان الجميع ثقات فيحكم بصحة رواية أحفظهم وأضبطهم فيكون رواية الباقين بالنسبة إليه شاذة انتهى‏.‏ وبعض هذه الروايات التي ذكرها الطبراني في صحيح مسلم وسنن أبي داود‏:‏ قوله ‏(‏ففصلتها‏)‏ بتشديد الصاد ـ الحديث ـ استدل به على أنه لا يجوز بيع الذهب مع غيره بذهب حتى يفصل من ذلك الغير ويميز عنه ليعرف مقدار الذهب المتصل بغيره ومثله الفضة مع غيرها بفضة وكذلك سائر الأجناس الربوية لاتحادها في العلة وهي تحريم بيع الجنس بجنسه متفاضلا‏.‏ ومما يرشد إلى استواء الأجناس الربوية في هذا ماتقدم من النهي عن بيع الصبرة من التمر بالكيل المسمى من التمر‏.‏ وكذلك نهيه عن بيع التمر بالرطب حرصا لعدم التمكن من معرفة التساوي على التحقيق وكذلك في مثل مسألة القلادة يتعذر الوقوف على التساوي من دون فصل ولا يكفي مجرد الفصل بل لابد من معرفة مقدار المفصول والمقابل له من جنسه‏.‏ وإلى العمل بظاهر الحديث ذهب عمر بن الخطاب وجماعة من السلف والشافعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن الحكم المالكي وقالت الحنفية والثوري والحسن بن صالح والعترة أنه لا يجوز إذا كان الذهب المنفرد أكثر من الذي في القلادة ونحوها لامثله ولا دونه‏.‏ وقال مالك يجوز إذا كان الذهب تابعا لغيره بأن يكون الثلث فما دون‏.‏ وقال حماد بن أبي سليمان أنه يجوز بيع الذهب مع غيره بالذهب مطلقا سواء كان المنفصل مثل المتصل أو أقل أو أكثر وأعتذرت الحنفية ومن قال بقولهم عن الحديث بأن الذهب كان أكثر من المنفصل واستدلوا بقوله ففصلتها فوجدت فيها أكثرمن أثني عشر دينار والثمن إما سبعة أو تسعة وأكثر ما روي أنه أثنا عشر‏.‏ وأجيب عن ذلك ماتقدم عن البيهقي من أن القصة التي شهدها فضالة كانت متعددة فلا يصح التمسك بما وقع في بعضها واهدار البعض الآخر وأجيب أيضا بأن العلة هي عدم الفصل وظاهر ذلك عدم الفرق بين المساوي والأقل والأكثر والغنيمة وغيرها وبهذا يجاب عن الخطابي حيث قال أن سبب النهي كون تلك القلادة كانت من الغنائم مخافة أن يقع المسلمون في بيعها وقد أجاب الطحاوي عن الحديث بأنه مضطرب‏.‏ قال السبكي وليس ذلك باضطراب قادح ولا ترد الأحاديث الصحيحة بمثل ذلك انتهى‏.‏ وقد عرفت مماتقدم أنه لا اضطراب في محل الحجة والاضطراب في غيره لا يقدح فيه وبهذا يجاب أيضا على ما قاله مالك‏.‏ وأما ما ذهب إليه حماد بن أبي سليمان فمردود في الحديث على جميع التقادير ولعله يتعذر عنه بمثل ما قال الخطابي أو لم يبلغه‏.‏ قوله ‏(‏حتى تميز‏)‏ بضم تاء المخاطب في أوله وتشديد الياء المكسورة بعد الميم‏.‏ قوله ‏(‏إنما أردت الحجارة‏)‏ يعني الخرز الذي في القلادة ولم أرد الذهب‏.‏

 باب مرد الكيل والوزن

1 - عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن أهل مكة‏)‏‏.‏

رواه أبو داود والنسائي‏.‏

الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وأخرجه أيضا البزار وصححه ابن حبان والدارقطني وفي رواية لأبي داود عن ابن عباس مكان ابن عمر‏.‏ قوله ‏(‏المكيال مكيال أهل المدينة‏)‏ الخ فيه دليل على أنه يرجع عند الاختلاف في الكيل إلى مكيال المدينة وعند الاختلاف في الوزن إلى ميزان مكة‏.‏ أما مقدار ميزان مكة فقال ابن حزم بحثت غاية البحث عن كل من وثقت بتمييزه فوجدت كلا يقول أن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة بالحب من الشعير والدرهم سبعة أعشار المثقال فوزن الدرهم سبع وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة فالرطل مائة وثمانية وعشرون درهما بالدرهم المذكور وأما مكيال المدينة فقد قدمنا تحقيقه في الفطرة‏.‏ ووقع في رواية لأبي داود من طريق الوليد بن مسلم عن حنظلة ابن أبي سفيان الجمحي قال وزن المدينة ومكيال مكة والرواية المذكورة في الباب من طريق سفيان الثوري عن حنظلة عن طاوس عن ابن عمر وهي أصح‏.‏ وأما الرواية التي ذكرها أبو داود عن ابن عباس فرواها أيضا الدارقطني من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان عن حنظلة عن طاوس عن ابن عباس ورواه من طريق أبي نعيم عن الثوري عن حنظلة عن سالم بدل طاوس عن ابن عباس قال الدارقطني أخطأ أبو أحمد فيه‏.‏

 باب النهي عن بيع كل رطب من حب أو تمر بيابسه

1 - عن ابن عمر قال ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن المزابنة أن يبيع الرجل تمر حائطه إن كان بتمر كيلا وإن كان كرما أن يبيعه بزبب كيلا وإن كان زرعا أن يبيعه بكيل طعام نهى عن ذلك كله‏)‏

متفق عليه‏.‏

2 - ولمسلم في رواية ‏(‏وعن كل ثمر بخرصه‏)‏

3 - وعن سعد بن أبي وقاص قال ‏(‏سمعت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب فقال لمن حوله أينقص الرطب إذا يبس قالوا نعم فنهى عن ذلك‏)‏‏.‏

رواه الخمسة وصححه الترمذي‏.‏

حديث سعد أخرجه أيضا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححوه أيضا ابن المديني وأخرجه الدارقطني والبيهقي وقد أعله جماعة منهم الطحاوي والطبري وابن حزم وعبد الحق بان في إسناده زيد أبا عياش وهو مجهول‏.‏ قال في التلخيص والجواب ان الدارقطني قال أنه ثقة ثبت‏.‏ وقال المنذري وقد روى عنه ثقات واعتمده مالك مع شدة نقده وقال الحاكم لا أعلم أحدا طعن فيه‏:‏ قوله ‏(‏عن المزابنة‏)‏ قد تقدم ضبطها في باب النهي عن بيع التمر قبل بدو صلاحه‏:‏ قوله ‏(‏ثمر حائطه‏)‏ بالمثلثة وفتح الميم قال في الفتح المراد به الرطب خاصة‏.‏ قوله ‏(‏بتمر كيلا‏)‏ بالمثناة من فوق وسكون الميم والمراد بالكرم العنب قال في الفتح وهذا أهل المزابنة وألحق الجمهور بذلك كل بيع مجهول بمجهول أو بمعلوم من جنس يجري فيه الربا‏.‏ قال فأما من قال اضمن لك صبرتك هذه بعشرين صاعا مثلا فما زاد فلي ومانقص فعلي فهو من القمار وليس من المزابنة وتعقبه الحافظ بأنه قد ثبت في البخاري عن ابن عمر تفسير المزابنة ببيع التمر بكيل إن زاد فلي وإن نقص فعلي قال فثبت أن من صور المزابنة هذه الصورة من القمار ولا يلزم من كونها قمارا أن لا تسمى مزابنة‏.‏ قال ومن صور المزابنة بيع الزرع بالحنطة بما أخرجه مسلم في تفسير المزابنة عن نافع بلفظ المزابنة بيع ثمر النخل بالتمر كيلا وبيع العنب بالزبيب وبيع الزرع بالحنطة كيلا‏.‏ وقد أخرج هذا الحديث البخاري كما ذكره المصنف ههنا ولم ينفرد به مسلم وقد قدمنا مثل هذا في باب النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه وقدمنا أيضا ما فسر به مالك المزابنة قوله ‏(‏أينقص‏)‏ الاستفهام ههنا ليس المراد به حقيقته أعني طلب الفهم لأنه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان عالما بأنه ينقص إذا يبس بل المراد تنبيه السامع بأن هذا الوصف الذي وقع عنه الأستفهام هو علة النهي ومن المشعرات بذلك الفاء في قوله فنهى عن ذلك ويستفاد من هذا عدم جواز بيع الرطب بالرطب لأن نقص كل واحد منهما لا يحصل العلم بأنه نقص الآخر وما كان كذلك فهو مظنة للربا‏.‏ وقد ذهب إلى ذلك الشافعي وجمهور أصحابه وعبد الملك بن الماجشون وأبو حفص العكبري من الحنابلة وذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنه والمزني والروياني من أصحاب الشافعي إلى أنه يجوز‏.‏ قال ابن المنذر إن العلماء اتفقوا على جواز ذلك ألا الشافعي ويدل على عدم الجواز أن الإسماعيلي في مستخرجه على البخاري روى حديث ابن عمر بلفظ ‏(‏نهى صلى اللّه عليه وآله وسلم عن بيع الثمرة بالثمرة‏)‏ وذلك يشمل بيع الرطب بالرطب‏.‏

 باب الرخصة في بيع العرايا

1 - عن رافع بن خديج وسهل ابن أبي حثمة ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن المزابنة بيع الثمر بالتمر الا أصحاب العرايا فإنه قد أذن لهم‏)‏‏.‏

رواه أحمد والبخاري والترمذي وزاد فيه ‏(‏وعن بيع العنب بالزبيب وعن كل ثمر بخرصه‏)‏‏.‏

2 - وعن سهل بن أبي حثمة قال ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن بيع الثمر بالتمر ورخص في العرايا أن يشتري بخرصها يأكلها أهلها رطبا‏)‏‏.‏

متفق عليه‏.‏ وفي لفظ ‏(‏عن بيع الثمر بالتمر وقال ذلك الربا تلك المزابنة الا أنه رخص في بيع العرية النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا‏)‏ متفق عليه‏.‏

3 - وعن جابر قال ‏(‏سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول حين أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بخرصها يقول الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

4 - وعن زيد بن ثابت ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم رخص في بيع العرايا أن تباع بخرصها كيلا‏)‏‏.‏

رواه أحمد والبخاري‏.‏ وفي لفظ ‏(‏رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا‏)‏ متفق عليه‏.‏ وفي لفظ آخر ‏(‏رخص في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك‏)‏ أخرجاه ‏.‏ وفي لفظ ‏(‏بالتمر وبالطب‏)‏ رواه أبو داود‏.‏

حديث جابر أخرجه أيضا الشافعي وصححه ان خزيمة وابن حبان والحاكم ـ وفي الباب ـ عن أبي هريرة عند الشيخين ‏(‏إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق‏)‏ قوله ‏:‏ ‏(‏بيع الثمر بالتمر‏)‏ الأول بالمثلثة وفتح الميم والثاني بالمثناة الفوقية وسكون الميم والمراد بالأول ثمر النخلة وقد صرح بذلك مسلم في رواية فقال ‏(‏ثم النخلة‏)‏ وليس المراد الثمر من غير النخل لأنه يجوز بيعه بالتمر بالمثناة والسكون‏:‏ قوله ‏(‏الا أصحاب العرايا‏)‏ جمع عرية قال في الفتح وهي في الأصل عطية ثمر النخل دون الرقبة كانت العرب في الجدب تتطوع بذلك على من لا ثمر له كما يتطوع صاحب الشاة أو الأبل بالمنيحة وهي عطية اللبن الرقبة ويقال عريت النخلة بفتح العين وكسر الراء تعرى إذا افردت عن حكم اخواتها بأن أعطاها المالك فقيرا قال مالك العرية أن يعري الرجل الرجل الخلة أي يهبها له أو يهب له ثمرها ثم يتأذى بدخوله عليه ويرخص الموهوب له للواهب أن يشتري رطبها منه بتمر يابس هكذا علقه البخاري عن مالك ووصله ابن عبد البر من رواية ابن وهب‏.‏ وروى الطحاوي عن مالك ان العرية النخلة للرجل في حائط غيره فيكره صاحب النخل الكثير دخول الآخر عليه فيقول أنا أعطيك بخرص نخلة تمرا فيرخص له في ذلك فشرط العرية عند مالك أن يكون لأجل التضرر من المالك بدخول غيره إلى حائطه أو لدفع الضررعن الآخر لقيام صاحب النخل بما يحتاج إليه‏.‏ وقال الشافعي في الأم وحكاه عنه البيهقي ان العرايا ان يشتري الرجل ثمر النخلة بخرصه من التمر بشرط التقابض في الحال واشترط مالك أن يكون التمر مؤجلا‏.‏ وقال ابن إسحاق في حديثه عن ابن عمر عند أبي داود والبخاري تعليقا ان يعري الرجل الرجل أي يهب له في ماله النخلة والنخلتين فيشق عليه أن يقوم عليها فيبيعها بمثل خرصها‏.‏ وأخرج الإمام أحمد عن سفيان بن حسين ان العريا نخل كانت توهب للمساكين فلا يستطعيون أن ينتظروا بها فرخص لهم أن يبيعوها بما شاؤا من التمر‏.‏ وقال يحيى بن سعيد الأنصاري العرية أن يشتري الرجل ثمر النخلات لطعام أهله رطبا بخرصها تمرا قال القرطبي كأن الشافعي اعتمد في تفسير العرية على قول يحيى بن سعيد‏.‏ وأخرج أبو داود عن عبد ربه ابن سعيد الأنصاري وهو أخو يحيى المذكور أنه قال العرية الرجل يعري الرجل النخلة أو الرجل يستثني من ماله النخلة يأكلها رطبا فيبيعها تمرا‏.‏ وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن وكيع قال سمعنا في تفسير العرية إنها النخلة يعريها الرجل للرجل ويشتريها في بستان الرجل‏.‏ وقال في القاموس وأعراه النخلة وهبه ثمرة علمها والعرية النخلة المعراة والتي أكل ما عليها‏.‏ وقال الجوهري هي النخلة التي يعريها صاحبها رجلا محتاجا بأن يجعل له ثمرها عاما من عراه إذا قصده قال في الفتح صور العرية كثيرة‏.‏ منها أن يقول رجل لصاحب النخل يعني ثمر نخلات باعيانها بخرصها من التمر فيخرصها ويبيعها ويقبض منه التمر ويسلم له النخلات بالتخلية فينتفع برطبها‏.‏

ومنها أن يهب صاحب الحائط لرجل نخلات أو ثمر نخلات معلومة من حائطه ثم يتضرر بدخوله عليه فيخرصها ويشتري رطبها بقدر خرصه بتمر معجل‏.‏ ومنها أن يهبه اياها فيتضرر الموهوب له بانتظار صيرورة الرطب تمرا ولا يحب أكلها ربا لاحتياجه إلى التمر فيبيع ذلك الرطب بخرصه من الواهب أو من غيره بتمر يأخذه معجلا‏.‏ ومنها أن يبيع الرجل ثمر حائطه بعد بدو صلاحه ويستثني منه نخلات معلومة يبقيها لنفسه أو لعياله وهي التي عفى له خرصها في الصدقة وسميت عرايا لأنا أعريت عن أن تخرص في الصدقة فرخص لأهل الحاجة الذين لانقدلهم وعنده فضول من تمر قوتهم أن يبتاعوا بذلك التمير من رطب تلك النخلات بخرصها ومما يطلق عليه اسم العرية أن يعري رجلا ثمر نخلات يبيح له أكلها والتصرف فيها وهذ هبة محضة‏.‏ ومنها أن يعري عامل الصدقة لصاحب الحائط من حائطه نخلات معلومة لا يخرصها في الصدقة وهاتان الصورتان من العرايا لابيع فيهما وجميع هذه الصور صحيحة عند الشافعي والجمهور وقصر مالك العرية في البيع على الصورة الثانية‏.‏ وقصرها أبو عبيد على الصورة الأخيرة من صور البيع وأراد به رخص لهم أن يأكلوا الرطب ولا يشترونه لتجارة ولا ادخار ومنع أبو حنيفة صور البيع كلها وقصر العرية على الهبة ويه أن يعري الرجل الرجل ثمر نخلة من نخله ولا يسلم ذلك ثم يبدو له أن يرتجع تلك الهبة فرخص له أن يحتبس ذلك ويعطيه بقدر ما وهبه له من الرطب يخرصه تمرا وحمله على ذلك أخذه بعموم النهي عن بيع الثمر بالتمر وتعقب بالتصريح باستثناء العرايا في الأحاديث قال ابن المنذر الذي رخص في العرية هو الذي نهى عن بيع الثمر بالتمر في لفظ واحد من رواية جماعة من الصحابة‏.‏ قال ونظير ذلك الأذن في السلم مع قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏(‏لا تبع ماليس عندك‏)‏ قال ولو كان المراد الهبة لما استثنيت العرية من البيع ولأنه عبر بالرخصة والرخصة لا تكون الا في شيء ممنوع والمنع إنما كان في البيع لا الهبة وبأنها قيدت بخمسة أوسق والهبة التتقيد‏.‏

وقد احتج أبي حنيفة لمذهبه بأشياء تدل على أن العرية ولا حجة في شيء منه‏.‏ لأنه لا يلزم من كون أصل العرية العطية أن لا تطلق شرعا على صور أخرى‏.‏ وقالت الهادوية وهو وجه في مذهب الشافعي أن رخصة العرايا مختصلة بالمحاويج الذين لا يجدون رطبا فيجوز لهم أن يشتروا منه بخرصه تمرا واستدلوا بما أخرجه الشافعي في مختلف الحديث عن زيد بن ثابت أنه سمي رجالا محاجين من الأنصارى شكوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ولا نقد في أيديهم يبتاعون به رطبا ويأكلون مع الناس وعندهم فضول قوتهم من التمر فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر ويجاب عن دعوى اختصاص العرايا بهذه الصورة أما أولا فبالقدح في هذا الحديث فإنه انكره محمد بن داود الظاهري على الشافعي وقال ابن حزم لم يذكر الشافعي له إسنادا فبطل‏.‏ وأم ثانيا فعلى تسليم صحته لا منافاة بينه وبين الأحاديث الدالة على أن العرية أعم من الصورة التي اشتمل عليها ـ والحاصل ـ أن كل صورة من سور العرايا ورد بها حديث صحيح أو ثبتت عن أهل الشرع أو أهل اللغة فهي جائزة لدخولها تحت مطلق الأذن والتنصيص في بعض الأحاديث على بعض الصور لا ينافي ما ثبت في غيره‏:‏ قوله ـ بخرصه ـ بفتح الخاء المعجمة وأشار ابن التين إلى جواز كسرها وجزم ابن العربي بالكسر وانكر الفتح وجوزهما النووي وقال الفتح أشهر قال ومعناه بقدر مافيه إذا صار تمرا فمن فتح قال هو اسم الفعل ومن كسر قال هو اسم للشيء المخروص قال في الفتح والخرص هو التخمين والحدس‏:‏ قوله ‏(‏يقول الوسق والوسقين‏)‏ الخ استدل بهذا من قال أنه لا يجوز في بيع العرايا الا دون خمسة أوسق وهو الشافعية والحنابلة وأهل الظاهر قالوا لأن الأصل التحريم وبيع العرايا رخصة فيؤخذ بما يتحقق فيه الجواز ويلقي ما وقع فيه الشك ولكن مقتضى الاستدلال بهذا الحديث أن لا يجوز مجاوزة الأربعة الأوسق مع أنهم يجوزونها إلى دون الخمسة بمقدار يسير‏.‏ والذي يدل على ما ذهبوا إليه حديث أبي هريرة الذي ذكرناه لقوله فيه دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق فيلقي الشك وهو الخمسة ويعمل بالمتيقن وهو ما دونها وقد حكى هذا القول صاحب البحر عن أبي حنيفة ومالك والقاسم وأبي العباس وقد عرفت ما سلف من تحقيق مذهب أبي حنيفة في العرايا وحكى في الفتح أن الراحج عند المالكية الجواز في الخمسة عملا برواية الشك واحتج لهم بقول سهل ابن أبي حثمة إن العرية ثلاثة أوسق أو أربعة أو خمسة قال في الفتح ولا حجة فيه لأنه موقوف وحكى الماوردي عن ابن المنذر أنه ذهب إلى تحديد ذلك بالأربعة الأوسق وتعقبه الحافظ بأن ذلك لم يوجد في شيء من كتب ابن المنذر‏.‏ وقد حكى هذا المذهب ابن عبد البر عن قوم وهو ذهاب إلى ما فيه حديث جابر من الأقتصار على الأربعة وقد ترجم ابن حبان الاحتياط لا يزيد على أربعة أوسق‏.‏ قال الحافظ وهذا الذي قاله يتعين المصير إليه وأما جعله حدا لا يجوز تجاوزه فليس بالواضح اه وذلك لان دون الخمسة المذكورة في حديث أبي هريرة يقضي بجواز الزيادة على الأربعة الا أن يجعل الدون مجملا مبينا بالأربعة كان واضحا ولكنه لا يخفى أنه لا إجمال في قوله ‏(‏دون خمسة أوسق‏)‏ لأنها تتناول ما صدق عليه الدون لغة وتما كان كذلك لا يقال له مجمل ومفهوم العدد في الأربعة لا يعارض المنطوق الدال على جواز الزيادة عليها‏:‏ قوله ‏(‏ولم يرخص في غير ذلك‏)‏ فيه دليل على أنه لا يجوز شراء الرطب على رؤوس النخل بغير التمر والرطب‏.‏ وفيه أيضا دليل على جواز الرطب المخروص على رؤوس النخل بالرطب المخروص على الأرض وهو رأي بعض الشافعية منهم ابن خيران‏.‏ وقيل لا يجوز وهو رأي الاصطخري منهم وصححه جماعة وقيل إن كانا نوعا واحدا لم يجز إذ لا حاجة إليه وإن كانا نوعين جاز وهو رأي أبي إسحاق وصححه ابن أبي عصرون‏.‏ وهذا كله فيما إذا كان أحدهما على النخل والآخر على الأرض وأما في غير ذلك فقد قدمنا الكلام عليه في الباب قبل هذا‏.‏